بين جرحى وأيتام وآخرين بلا مأوى ورعاية، تتقلص بشكل متسارع فرص نجاة أطفال غزة من الموت، وسط تفاقم الأوضاع الصعبة مع استمرار العدوان الصهيوني. ويشهد قطاع غزة سقوط آلاف الشهداء بين أطفاله، حيث أعلنت وزارة الصحة في غزة، ارتفاع عدد الشهداء إلى قرابة 8 آلاف، بينهم أكثر من 3 آلاف طفل، فيم العدد مرشح وبوتيرة متسارعة للزيادة بسبب استمرار الهجمات على مناطق متفرقة من القطاع، وغياب شبه كامل لأدنى مقومات الحياة
خلف هذه الأرقام المفجعة واقع أكثر ألما، فقد تجاوز عدد الجرحى من الأطفال وفق تقارير رسمية 7 آلاف طفل، ما معدله أكثر من 500 طفل إما قتل أو أصيب يوميا، منهم آلاف بأمس الحاجة لعناية طبية خاصة، وبات القطاع الصحي بغزة على وشك الانهيار نتيجة تضرر المستشفيات من القصف المتواصل والنقص الحاد للمواد الطبية، بسبب الحصار، وتحذيرات من خروج مستشفيات من الخدمة اذا ما استمر التصعيد على هذا النحو، وباتت المستشفيات غير قادرة على استقبال المزيد من الجرحى والمصابين بسبب نفاد الأدوية والمواد الطبية اللازمة لإجراء العمليات الجراحية للمصابين
يقول محمد الناطور من قطاع غزة، إن أطفال غزة الناجون من القتل لا يجدون أي طعام منذ أسابيع، وهم مهددون بالموت بسبب الحصار الذي يفرضه الاحتلال بالتزامن مع استمرار القصف على المنازل
وأضاف أن العدوان المستمر منذ ما يزيد على 21 يوما تسبب في شح المواد الغذائية والمياه وخدمات العلاج، ما زاد من المعاناة الإنسانية على قطاع غزة وخصوصا معاناة الأطفال
يقول المحامي معتصم دراوشة من المرصد الوطني لحقوق الإنسان والمركز الوطني لحقوق الإنسان، إن قرابة 5 آلاف إمرأة حامل على وجه الولادة هذا الشهر، وأغلبهن بلا مستشفى أو زوج أو أسرة أو أي عناية طبية، متسائلا من يكفل أيتام غزة؟
وأكد أن كل ما يحدث بالعالم من كوارث وأزمات ومحن وحروب ومجاعات ينبع من أصل واحد هو أزمة الضمير الإنساني وأطفال غزة يعيشون بلا خبز، ولا ماء، ولا كهرباء، ولا وقود، ولا حليب وانقطاع تام لجميع وسائل التواصل
وقال الدراوشة إن قنابل الحقد والكراهية والظلم والعدوان هي التي تغطي أرض غزة وسماؤها، مؤكدا أن غزة تتعرض لإبادة جماعية تشكل أكبر جريمة حرب في حق المدنيين العزل في هذا العصر يرافقه صمت دولي ملؤه الخزي والعار، لن ينساه أطفال غزة وكذلك أطفالنا وأطفال العالم
وأكد أن غزة على شفير كارثة وهناك خطر من تفشي الأمراض وخاصة بين الأطفال والحصار على غزة ومنع الغذاء والمياه والوقود يعني معاقبة مليوني شخص معظمهم من النساء والأطفال.
ودعا الدراوشة الى وقف إطلاق نار إنساني لضمان وصول المساعدات إلى غزة خاصة إلى الأطفال الرضع والشيوخ والمرضى الذين لا حول لهم ولا قوة، وأن الشاحنات القليلة التي تصل غزة مجرد فتات لن يحدث فارقا لسكان غزة ولا تحتوي على حليب الأطفال و الوقود فغزة وأطفالها تحتاج إلى تدفق المساعدات بشكل مستمر وغير متقطع لأن هناك أشخاصا يقتلون في غزة ليس بسبب القصف فقط بل سيقتلون بسبب الحصار وانعدام الأغذية والأدوية وحليب الأطفال
وطالب بحماية المستشفيات التي تأوي أعدادا كبيرة من النازحين في غزة وأغلبهم من النساء والأطفال وأن تحترم أميركا والاحتلال المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والموقعة من قبل الجمعية العمومية للأمم المتحدة
وأشار إلى أن انتهاكات بالجملة تمارس في قطاع غزة وخصوصا فيما يتعلق بالأطفال الذين يتعرضون للقتل من قبل قوات الاحتلال، فيما الناجون مهددون بالموت بسبب الظروف الصعبة جدا
وأشار إلى أن قوات الاحتلال بممارساتها تنتهك المواثيق الدولية وتعرض حياة المدنيين للموت وخصوصا أطفال غزه الذين لا ذنب لهم في كل ما يحدث، مؤكدا أن حقوق الأطفال في غزة تنتهك أمام مرأى العالم دون أن يفعل شيئا لإيقاف نزيف الأطفال
وأكد أن حلم الأطفال في قطاع غزة هو أن ينهي الاحتلال الحرب حتى يعيشوا بسلام أسوة بأقرانهم في العالم وأن يتوفر لهم الطعام والشراب، مؤكدا أنه في ظل الواقع فان هناك آلاف الأطفال في غزة سيقتلون او يموتون جراء نقص الخدمات
وكشف الدراوشة عن أوضاع مأساوية يعيشها كافة سكان القطاع وخصوصا الأطفال، من خلال ما أكده له القائمين على جمعيات حقوق الإنسان في غزة
ووفق ما أكده ذات القائمين، فإن غالبية أطفال القطاع بأمس الحاجة إلى رعاية وأغذية تمكنهم من مواصلة العيش في ظل اعتمادهم على المياه الملوثة وعدم توفر الطعام والأدوية
وتقول وزارة الصحة في قطاع غزة، إن سكانه يشربون مياها ملوثة، ما أدى لظهور حالات إسهال لدى الأطفال في مراكز الإيواء التي تضم آلاف الفلسطينيين
وكان وزير دفاع الاحتلال يوآف غالانت قرر في 9 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، فرض “حصار شامل” على غزة، معلنا أن “لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود (سيصل للقطاع)”، وفق ما نقلته القناة 13 الإسرائيلية
ويعاني سكان غزة (نحو 2.2 مليون فلسطيني) من أوضاع معيشية متدهورة للغاية، جراء حصار متواصل منذ 2006
ودعت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، إلى توفير خط إمداد مستدام بالمساعدات الإنسانية لتجنب “كارثة” في قطاع غزة
وقال مدير عمليات “أونروا” في غزة توماس وايت، في تصريحات صحفية، إن “وضع الإمدادات الإنسانية فظيع ومحدود جدا، والغذاء والمياه أصبحا نادرين”
وأضاف وايت “نحن بحاجة لخط إمداد مستدام من المساعدات لتجنب وقوع كارثة في القطاع”
في ذات الخصوص، اعتبر رئيس جمعية حماية الأسرة والطفولة بإربد كاظم الكفيري إلى أن استهداف الأطفال واستشهاد ما يقارب 3 آلاف طفل لغاية الآن هو عمل ممنهج ومقصود.
وأكد الكفيري لـ “الغد” أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تستهدف المخيمات داخل قطاع غزة، لافتا إلى أن الاحتلال ارتكب أكبر جريمة حرب في تاريخ الإنسانية بقتله 3 آلاف طفل وأعدادهم في تزايد مستمر، إضافة إلى أن عشرات الأطفال يموتون يوميا بسبب نقص الغذاء والمياه والدواء والرعاية الصحية.
ودعا الكفيري، المجتمع الدولي والأطراف الدولية ذات العلاقة، للخروج بمواقف جدية وحقيقية تجاه الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وخاصة فيما يتعلق بالاستهداف المباشر للأطفال
واعتبر أن ما تمارسه قوات الاحتلال يشكل انتهاكا جسيما ومنظما لقواعد القانون الدولي الإنساني، كما أن استهدافها للمدنيين وخاصة الأطفال اعتمد على استخدام قدر كبير وغير متناسب من القوة، مما يشكل انتهاكا واضحا لمبدأين أساسيين من مبادئ القانون الدولي هما التمييز والتناسب
وقال الكفيري إن الناجين من الأطفال جراء العدوان على غزة، مهددون بالموت في ظل عدم توفر الرعاية لهم وعدم قدرة المستشفيات في قطاع غزة على علاجهم بسبب خروج العديد من المستشفيات خارج الخدمة بعد نفاد الوقود وانقطاع الكهرباء وعدم توفر الأدوية والمستلزمات الطبية وتضرر أجزاء كبيرة منها نتيجة استهدافها من قبل قوات الاحتلال
وأشار إلى أن الأطفال الذين فقدوا أباءهم وأمهاتهم إثر العدوان سيواجهون الموت في ظل عدم وجود مؤسسات في قطاع غزة قادرة حاليا على إيوائهم والاهتمام بهم ورعايتهم، بعد أن تعرضت جميع المؤسسات التي كانت تعنى بالطفولة في غزة للتدمير
وأوضح أن مئات الأطفال الذي ولدوا حديثا وموجودين في حاضنات المستشفيات التي ما تزال تعمل مهددون بالموت في ظل انقطاع الكهرباء والوقود ونقص الغذاء والدواء، مشيرا إلى أن هناك عشرات الأطفال توفوا جراء نقص الأكسجين الذين كانوا يعتمدون عليه في المستشفيات
وطالب الكفيري بتدخل دولي لوقف عمليات القتل الممنهج للأطفال في قطاع غزة وأن يسمح بإرسال مستشفيات طبية ميدانية لقطاع غزة بعد أن توقفت المستشفيات عن الخدمة، إضافة إلى أن هناك نقصا كبيرا في الأطباء في ظل استشهاد العشرات منهم
واشار إلى أنه وفي ظل نقص الدواء والمستلزمات الطبية فان العديد من أطفال غزة الناجون من القصف تجرى لهم عمليات جراحية من دون أي تخدير لنقص المستلزمات الطبية، إضافة الى عدم توفر أسرة في المستشفيات ويتم معالجتهم في ممرات المستشفيات
وبحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان فإن قتل الأطفال والرضع الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي على القطاع المحاصر، بلغ معدلا غير مسبوق في تاريخ الحروب، جراء استهدافه المباني والتجمعات السكنية